في الطابق الأول في مبني طويل رملي اللون في منطقة جباليا بمدينة غزة، يجلس مجاهد محمود السوسي خلف طاولة صغيرة مليئة بالأوراق والدفاتر المكومة فوق بعضها، والحائط الذي خلفه يتزين بخريطة للشرق الأوسط. وبالقرب من مجموعة من المشغولات المختارة تتلون ما بين الأحمر الداكن إلى الزهري السلموني إلى الأزرق البحري. كانت شركة السوسي يوما ما واحدة من الشركات التجارية النشطة في غزة، وتقوم بتصدير أثاث السوسي الجيد إلى إسرائيل ومن هناك إلى أوروبا. إلا أن إسرائيل فرضت حصارها على قطاع غزة في العام 2007، وبدأ عمل مجاهد بالتدهور. فبينما كان قبل العام 2006 يوظف ما بين 150 إلى 170 عاملا بدوام كامل، فإن فما بقي منهم هم 30 عاملا (أو 20 في المائة من العمال)، وكانت هناك فترات قل فيها عدد العمال إلى حوالي 20 عاملا، وبنظام دوام جزئ.
"ثمانية أعوام من الحصار جعلت من الصعب جدا على الشركات ورجال الأعمال في غزة الاستمرار في العمل، إن مستقبل العمال وأحلامهم وأسرهم في وضع خطير جدا"، هكذا علق المدير ذو التسعة والاربعين عاما، والذي هو نفسه أب لستة أطفال، والذي يكابد للحفاظ على عمل شركة السوسي وعلى منافستها لشركات الأثاث الأخرى في السوق الصغيرة داخل قطاع غزة".
"صادراتنا انخفضت من 100 بالمائة في 2006 إلى صفر بالمائة في 2014، ولعشرين بالمائة في 2015 ولسوق الضفة الغربية فقط". هكذا يضيف مجاهد وهو يهز رأسه غير مصدق للوضع السيئ الذي يجد نفسه فيه.
تحاول الأونروا التخفيف من الآثار السلبية للحصار من خلال العديد من البرامج، مثل البرنامج الموسع لخلق فرص العمل (النقد مقابل العمل) والذي يتم تنفيذه من خلال الوكالة ويوفر فرص العمل المؤقتة للاجئين، وذلك لضخ السيولة المالية اللازمة بشدة إلى السوق المحلية. ومنذ مايو 2013، تم توظيف 9 من العمال المهرة و12 من غير المهرة في مصنع السوسي من خلال برنامج خلق فرص العمل، وهكذا فإن المنفعة هنا مزدوجة: فبينما تستفيد الشركة من العمالة المجانية التي يوفرها لها البرنامج مما يساعدها على الإستمرار في هذه الأوقات الصعبة، فإن العمالة إستطاعت أن تطور بشكل كبير جدا من قدراتها مما يزيد من فرصها في سوق قطاع غزة شديد التنافسية. وحاليا لا زال مصنع السوسي يقوم بتشغيل 4 من خلال برنامج خلق فرص العمل وقد إقتربت عقودهم على الإنتهاء.
في العام 2014، قامت الأونروا بضخ ما مجموعه 18.1 مليون دولار في إقتصاد غزة من خلال برنامج خلق فرص العمل، وأستفاد نحو 120,000 لاجئي من البرنامج من خلال الحصول على فرص تشغيل مؤقتة.